فظيلة شُكر الله تعالى على النعم



فظيلة شُكر الله تعالى على النعم 

إن ربَّكم – جل وعلا – يُذكِّرُكم بنعمِه العامَّة والخاصَّة لتشكُرُوه؛ قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) [فاطر: 3]، وقال تعالى: (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [المائدة: 7]، وقال – عز وجل -: (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً) [لقمان: 20].
وأخبَرَنا – تبارك وتعالى – أن النِّعمَ كلَّها منه، لنقومَ بحقِّه – تبارك وتعالى – في العبادةِ والشُّكر، ونرغَبَ إليه في الزيادة؛ قال – تبارك وتعالى -: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) [النحل: 53]، وقال – عز وجل -: (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) [النساء: 79].
فالحسناتُ تُصيبُ الإنسان تفضُّلٌ من الله ورحمةٌ من جميع الوُجوه، والسيِّئات بسببٍ من الإنسان، والله كتبَهَا وقدَّرَها، ولا يظلِمُ الربُّ – عز وجل – أحدًا مِثقالَ ذرَّة، وقال تعالى: (وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) [البقرة: 251].
والناسُ يعلَمون كثيرًا من النِّعَم، ويجهَلون أكثرَ النِّعَم. فكم من نعمةٍ ساقَها الله إليك – أيها الإنسان -، ومتَّعَك بها .. وأنت لا تشعُرُ بها! وكم من شرٍّ ومُصيبةٍ دفَعَها الله عنك .. وأنت لا تعلمُها! قال الله تعالى في حفظِ الإنسان: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) [الرعد: 11]، وقال تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الجاثية: 13].
والكثيرُ من أعضاء البدَن تقومُ بعملِها لنفع البدَن وحياتِه بغير إرادةٍ من الإنسان؛ قال الله تعالى: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) [الذاريات: 21]، وقال – عز وجل -: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) [إبراهيم: 34]. ومن لا يقدِرُ أن يُحصِيَ النِّعَم فهو يجهلُ أكثرَها.
ومنَّ الله تعالى بالنِّعَم لتُسخَّرَ في طاعة الله وعبادتِه، وعمارةِ الأرض وإصلاحِها؛ قال الله تعالى: (كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) [النحل: 81]، وقال – عز وجل -: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [النحل: 78].
فشُكرُ النِّعَم هو باجتماعِ أمورٍ بمحبَّة المُنعِمِ – جل وعلا – على نعمِه، والخُضوعِ لله لما أنعَمَ عليك، مع تيقُّنِ القلبِ أن كل نعمةٍ تفضُّلٌ وإحسانٌ على العبدِ من جميعِ الوجوه، لا يستحِقُّها العبدُ على الله، والثناء على الربِّ باللسان بهذه النِّعَم،والقبولِ لها بتلقِّيها بالفاقَة والفقرِ إلى الله، وتعظيمِ النِّعمة، واستِعمالِ النِّعَم فيما يحبُّ الله – تبارك وتعالى -.
فمن استخدَمَ آلاءَ الله فيما يحبُّ الله ويرضَى، وجعلَها عونًا على إقامةِ الدين في نفسِه، وأدَّى بها الواجِبات المفروضَة عليه فيها بالإحسان إلى الخلقِ منها؛ فقد شكَرَها. ومن استخدَمَ نعمَ الله فيما يُبغِضُ الله، أو منَعَ الحقوقَ الواجِبةَ فيها؛ فقد كفَرَ النِّعمةَ.
وألا تُبطِرَه النِّعَم، ويُداخِلَه الغرور، ويُوسوِسَ له الشيطانُ بأنه أفضلُ من غيرِه بهذه النِّعَم، وأنه ما خُصَّ بها إلا لمزِيَّةٍ على من سِواه، وليعلَم أن الله يبتلِي بالخير والشرِّ؛ ليعلَمَ الشاكرين والصابِرين.
والإيمانُ نِصفُه شُكر، ونِصفُه صبر؛ قال الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) [لقمان: 31].
وكتَبَت عائشةُ – رضي الله عنها – لمُعاوية – رضي الله عنه -: “إن أقلَّ ما يجِبُ للمُنعِم على من أنعَمَ عليه ألا يجعلَ ما أنعَمَ عليه سبيلاً إلى معصيتِه”.

Share on Google Plus

About Unknown

انا اسمي عمرو محمد مدون مصر لدي خبرة في تدوين وتصميم وبرمجة ثلاث سنين اطمح الوصل الي القمة وارضاء زواري وكل متتابعين
    Blogger Comment
    Facebook Comment

0 التعليقات:

إرسال تعليق